الفتى الغامض عضو نشيط
عدد المساهمات : 22
نقاط : 10575 تاريخ التسجيل : 27/06/2010 العمر : 29 الموقع : https://www.youtube.com/user/krem441
| موضوع: المراحل المتعاقبة من تاريخ المقاومة الفلسطينية: الجمعة يوليو 30, 2010 12:02 am | |
| مقدمة: منذ أن بدأ الاستيطان الإسرائيلي أواخر القرن الماضي في فلسطين والشعب الفلسطيني يستشعر الخطر الداهم، كما استشعره العرب في مصر وبلاد الشام؛ فقد جاءه غرباء هذه المرة، ليسوا سائحين عابرين ولا زوّارًا ما إن يظهروا حتى يغيبوا، ولا هم جيش احتلال يقيم الحاميات، ويصدر الأوامر، بل أشتاتُ مهاجرين، عندهم مشروع سياسي كبير لا يقوم إلا باحتلال الأرض وطرد الشعب. وزاد من خطورة الأمر ثلاثة عوامل: الأول قيام مؤتمر "بال" سنة 1897م، وإعلان مشروع الدولة الصهيونية، والثاني: تغلغل الحركة الصهيونية في أجهزة السلطنة العثمانية وخاصة بعد الانقلاب الدستوري سنة 1908م، وبدء التسلسل الصهيوني، والثالث: احتلال البريطانيين للدولة الفلسطينية 1917م ودور وعد بلفور. وكانت هذه العوامل كلها تواجه شعب فلسطين بالخطر الدَّاهم، وتطرح عليه قضية المقاومة. ومنذ ذلك الحين وهو يقاوم، فَعَلامَ استندت مقاومته؟ وكيف قامت وتطورت؟ وما هي عوامل قوتها وضعفها؟ هذا ما سنحاول تباينه في هذه الدراسة الموجزة،عبر تتبع مراحل المقاومة المختلفة. المرحلة الأولى (1897 - 1917)هجرة استراتيجية ومقاومة عفوية بدأت المقاومة - في الحقيقة - قبل بداية هذه المرحلة؛ لأن تدفُّق الهجرة واتساع استيلاء الصهيونيين على الأرض العربية، ومعاملة العرب بروح العداء والشراسة وامتهان حقوقهم بصورة مُعْوَجَّة غير معقولة، وتوجيه الإهانات لهم دون أي مبرر كافٍ، والمفاخرة بتلك الأفعال فوق كل ذلك – كما يقول "آحادهاعام" سنة 1891م – أدى إلى تفاقم النقمة؛ ولذلك فإن فلاحي الخضيرة، وملبس (بتاح تكفا) الذين فقدوا أراضيهم حتى تحولت إلى مستعمرات قاموا بهجوم على المستعمرات التي قامت على أرضهم، ثم عادوا فقاموا بهجوم مماثل سنة 1892م، وقام وفد من وجهاء القدس بالاحتجاج على المتصرف رشاد باشا؛ لأنه تَحَيّز لليهود، وفي 24/6/1891 أرسلوا احتجاجًا إلى الصدر الأعظم بالآستانة طالبوا فيه بمنع هجرة اليهود الروس إلى فلسطين، وتحريم استملاكهم للأراضي فيها. وكانت نقمة العرب في فلسطين واضحة، حتى إن "آحادهاعام" الذي زار فلسطين سنة 1891م بدعوة من جمعية أحباء صهيون كتب مقالاً بعد عودته إلى أوروبا حذّر فيه الصهيونيين من ثورة عربية قومية ضد مستعمراتهم. ومع انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في "بال" سنة 1897م، لم يَعُد موضوع الهجرة موضوع مهاجرين مشردين بلا هدف سياسي. إذ كانت أهداف مؤتمر "بال" واضحة من تشجيع الاستيطان إلى تنظيم اليهود، ومن تعبئة المشاعر اليهودية إلى تعميق الوعي القومي. وكان تطور الحياة السياسية في مصر، وبروز نشاط الأحزاب والصحافة قد ساعد على التعريف بالخطر الصهيوني؛ ولذلك فإن عرب فلسطين وهم يسمعون بالاستعدادات لقيام المؤتمر، كانوا يبحثون سُبُل درء الخطر. والتقى – ضمن هذا الإطار- متصرِّف القدس مع قنصل ألمانيا لبحث "ضرورة وضع حد للخطر الصهيوني على فلسطين"، وَتَرَأَّس في العام نفسه مفتي القدس محمد طاهر الحسيني هيئة مكلفة من السلطة بالتدقيق في نقل الملكية، حتى لا يتمكن المهاجرون الصهيونيون من الحصول على أراضٍ جديدة. ونستطيع أن نقسم هذه المرحلة إلى فترتين: الأولى من عام 1897م حتى عام 1907م، والثانية من عام 1907م حتى عام 1917م. الفترة الأولى: بدأ الرد العربي في فلسطين والوطن العربي سنة 1898م، ففي هذا العام وقف "أهل فلسطين موقفًا حازمًا ضد المشاريع الصهيونية والهجرة اليهودية، وإمكان قيام (إسرائيل) في بلادهم؛ لأنهم اعتبروا ذلك خطرًا على حقوقهم وامتيازاتهم". وقام عرب شرق الأردن في هذا الوقت بالقضاء على المستعمرة الوحيدة التي أسست في منطقة جرش. ولم تلبث سنة 1900م أن شهدت حملة عرائض واسعة النطاق ضد بيع الأراضي للمهاجرين الصهيونيين، وارتفع صوت نجيب عازوري سنة 1905م محذرًا من الخطر الصهيوني، وكان نجيب موظفًا في القدس (1898 - 1904)، ولكنه استقال لأن المتصرف المعين "رشيد بك" لم ينفذ قوانين الباب العالي المتعلقة بالهجرة، قال نجيب عازوري في كتابه "يقظة الأمة العربية": "هناك حادِثان هامَّان من طبيعة واحدة، ولكنهما متناقضان، وهما يقظة الأمة العربية، والجهد اليهودي الخفي لإنشاء مُلْك إسرائيل القديم من جديد، وعلى مقياس أوسع. إن مصير هاتين الحركتين هو الصراع المستمر إلى أن تَغْلُب إحداهما الأخرى، ومصير العالم كله منوط بالنتيجة النهائية لهذا الصراع بين الشعبين اللذين يمثلان مبدأين متعارضين". الفترة الثانية: تبدأ بالقرار الذي اتخذه المؤتمر الصهيوني سنة 1907م بمباشرة "النشاط الاستعماري العملي في فلسطين على أوسع نطاق". وأعلن ماكس نوردو في المؤتمر: "نحن ننوي الذهاب إلى فلسطين بمثابة الحَمَلَة المعتمدين للمدنية والتحضر، ورسالتنا هي توسيع الحدود الأخلاقية (الأدبية) لأوروبا حتى تصل إلى الفرات"، ثم أضاف نوردو أن "فلسطين تحوي كثافة سكانية ضئيلة؛ مما يؤهلها لاستيعاب الملايين من المستوطنين المتحمسين للعمل"، والذين "لا يمكنهم الانتعاش إلا هناك دون سائر الأمكنة. وأنشئ سنة 1908م مكتب فلسطين في يافا، وكانت مهمته شراء الأراضي في فلسطين، وفي هذا العام نفسه "بوشر بناء الأحياء اليهودية قرب يافا"، وهي التي أصبحت تل أبيب فيما بعد. وأنشأت الحركة الصهيونية مؤسسات أخرى كشركة "أنكلو ليفانتين" المصرفية في الآستانة، وشركة تطوير الأراضي الفلسطينية والصندوق الثقافي اليهودي… إلخ. أشكال المقاومة في المرحلة الأولى اتخذت المقاومة في هذه المرحلة ثلاثة أشكال: الأول- خط التعبئة الصحفية والثقافية: وقد لعبت هنا الصحف ورجال الفكر والثقافة دورًا أساسيًّا. وجاء الرد على المؤتمر الصهيوني من الشيخ محمد رشيد رضا (1865 - 1935) في القاهرة، وعلى صفحات المنار،) وتابعت ذلك الصحف العربية الأخرى. وزاد اهتمام الصحافة بالأمر مع اتضاح الأهداف الصهيونية، ومع قيام الحركة الدستورية سنة 1908م؛ إذ ظهرت في العهد الجديد صحف جديدة، في دمشق وبيروت والقدس ويافا، وكان الجديد في الأمر ظهور عدة صحف في فلسطين. فقد صدرت صحيفة "الكرمل" عام 1908م في حيفا لصاحبها نجيب نصَّار، واعتبرت كشف مخاطر الصهيونية هدفها الرئيسي، وقامت صحيفة "الأصمعي" بدور مماثل، وما لبثت أن صدرت صحيفتا "فلسطين" 1911م و"المنادي" لتسهما في تبيان مخاطر الصهيونية. وقد لعبت "الكرمل" دورًا طليعيًّا، فدعت إلى "عقد المؤتمرات للبحث عن الطرق المؤدية لتنظيم هيئتكم الاجتماعية، وحفظ كيانكم، وإلا صرتم حكاية تاريخية بعد حين.."، وانتقدت المؤتمر العربي الأول؛ لأنه لم يعالج مسألة الصهيونية، وقد قامت صحيفة "فلسطين" بنقد مماثل، كما قامت الصحف العربية بحملات مماثلة، وكانت تشدد على ضرورة التنبيه على الخطر الصهيوني. وصَاحَبَ ذلك نشاط ثقافي مُنْذِر ومُحَذّر، كان للشعر دور فيه وقد لعبت الصحافة والثقافة هنا دورًا مشهودًا. الثاني- خط العمل السياسي والنضالي: ويتوزع هذا الخط على الميادين الآتية: 1 - مطالبة الدولة العثمانية باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع المهاجرين الصهيونيين من التوطن والتملك، وكانت اتصالات القيادة الصهيونية بالدولة العثمانية – وخاصة بعد الحركة الدستورية - تثير مخاوف العرب؛ ولذلك أخذت برقيات الاحتجاج والتنبيه تتوالى على عاصمة السلطنة منذ 1900م. وجاء في مضبطة نشرتها "الكرمل" يوم 4/7/1913م وقّعتها غزة والقدس ويافا احتجاجًا على ما نشرته الصحف من عزم الحكومة على إعطاء 800 دونم لشركة الأصفر: "كتاب مفتوح إلى أمير المؤمنين وسلطان العثمانيين والصدر الأعظم وناظر الداخلية.. فتغلغل الشركات الصهيونية داخل هذه البلاد طولاً وعرضًا، لا تقلّ نتيجتها في المستقبل عن حرب البلقان... 2 - إنشاء الجمعيات والأحزاب لتعبئة الشعب ضد المخاطر الصهيونية، ولبناء الحياة السياسية والاقتصادية بما يكفل القدرة على المقاومة، فأنشئت سنة 1909م "منظمة محلية مهمتها الحيلولة دون بيع الأراضي لليهود، وقامت سنة 1913م جمعية مكافحة الصهيونية في نابلس، وتأسست سنة 1914م الجمعيات التالية في القدس: "المَعِيّة الخيرية الإسلامية" و"جمعية الإخاء والعفاف"، و"شركة الاقتصاد الفلسطيني - العربي". و"شركة التجارة الوطنية الاقتصادية"، وكان هدف هذه المؤسسات "الوقوف في وجه الأخطار الوشيكة التي تهدد أرض الوطن، وإنقاذ البلاد من الدمار". ونشأت مثل هذه الجمعيات في مدن فلسطين الأخرى، كما نشأت في بيروت والقاهرة والآستانة. وكان هدف "جمعية مكافحة الصهيونية" ما يلي: أ - "معارضة الصهيونيين بكل الوسائل، سواء بإيقاظ الرأي العام وتوحيد وجهات النظر حول هذه النقطة، ونشر برنامج الجمعية بين كل أوساط الأمة العربية عامة، وفي سورية وفلسطين خاصة". ب - "تأسيس فروع وجمعيات في كل مدن سوريا وفلسطين من أجل هذا الغرض وحده". جـ- "السعي لنشر الوحدة بين كل العناصر التي تتكون منها الأمة العربية". د - "تقديم مساعدات في الشؤون الاقتصادية والتجارية والزراعية، وتطوير المزارعين والفلاحين من أجل أن يكونوا قادرين على إنقاذ أنفسهم من أيدي الصهيونيين. هـ- "إرسال ممثلين إلى كل ذوي العلاقة في هذه المسألة لوقف جدول الهجرة الصهيونية". وإذا كان هذا هو البرنامج الرسمي للجمعية، فإن "الإرهاب ضد المستوطنين اليهود في فلسطين جرى التفكير به في السر" ولما كان خلق وعي قومي مطلوبًا عن طريق نشر العلم والثقافة، فقد أنشئ معهدان، هما: معهد الدستورية ومعهد الروضة. 3 - خوض المعركة ضد الصهيونية: وذلك عبر مجلس "المبعوثان"، وقد اعتبر النواب المنتخبون عن مدن فلسطين هذا برنامجهم كما يظهر من محاضر مجلس "المبعوثان". ويبرز هنا أسماء روحي الخالدي، وسعيد الحسيني.. وكان النواب يخوضون المعركة الانتخابية على هذا الأساس. وأَسْهَم في ذلك نواب عرب آخرون وعلى رأسهم الشهيد شكري العساي - نائب دمشق -. ولقد أجبر النواب العرب في مجلس المبعوثان؛ رئيس الوزراء على أن يعلن "أنه لن يسمح لليهود باستيطان فلسطين"، كما أجبروا وزير الداخلية سنة 1911م "على أن يعلن معارضته للأهداف الصهيونية" 4 - القيام بنشاطات متعددة الأشكال لمواجهة النشاط الصهيوني، وكان من ذلك: أ - مهاجمة المستعمرات، وسرقة المواشي، وقطع الأغْرَاس، وإفلات المواشي على الحقول، وتهديم الأسوار.. لأن السكان العرب "اعتبروا اليهود أَلَدَّ أعدائهم". وكانت هذه العمليات عمليات انتقامية يقوم بها الذين طُرِدُوا من أراضيهم، والفلاحون الساخطون الذين رأوا قيام قلاع تأسيسية للدولة الصهيونية بين ظَهْرَانيهم. وتزايدت النقمة الشعبية مع بداية الحرب بسبب تزايد النشاط الصهيوني، والتنازلات التي قدّمتها السلطات المركزية في الآستانة، وقاد ذلك إلى تزايد قتل المستوطنين، وانتشار عمليات القتل من الشمال إلى الأجزاء الأخرى. ب - القيام بتظاهرات شعبية مختلفة، وتوزيع نشرات معادية للصهيونية. وكانت محاكمات الصحف التي أوقفت بسبب مهاجمة الصهيونيين تتحول إلى شبه مظاهرات وطنية. جـ- إنشاء أحزاب مثل الحزب الوطني العثماني سنة 1911م، وتشكيل جمعيات ولجان ذات طبيعة خاصة، كلجان منع بيع الأراضي، ولجان الإشراف على الموانئ، لضمان تطبيق القوانين الخاصة بالدخول. وهكذا نرى أن حركة المقاومة كانت واسعة، وأنها تعددت في أشكالها وشملت ميادين مختلفة، من الصحافة إلى الغارات، ومع ذلك فإنها كانت خلال هذه المرحلة كلها لا تزال مقاومة شبه عفوية، وخاصة في ميدان المقاومة المسلحة. ولم تستطع هذه المقاومة أن توقف مدّ الهجرة، وأن تُظْهِر للحركة الصهيونية، وللصهيوني المهاجر أن تكلفة بناء متسوطنات في فلسطين عالية، وأن مواصلة الهجرة غير ممكنة. المرحلة الثانية (1917 - 1929) وَعْد بلفور وتَبَلْور الأطماع الصهيونية تبدأ هذه المرحلة باحتلال القوات البريطانية للقدس وإعلان وعد بلفور، وقد جاءا متزامنيْن تقريبًا، وكانت فلسطين التي عاشت ظروف الحرب القاسية مُرْهَقَة، وكان إعلان الثورة العربية وهزيمة الجيوش العثمانية يعطي نوعًا من الأمل. ولكن الأمور أخذت تتضح ببدء تَنَصّل الحلفاء من عهودهم، وبكشف الثورة البلشفية أسرار اتفاقية سايكس - بيكو، ومحاولة الأتراك أن يستفيدوا من الوضع. وزاد الأمر وضوحًا ببدء النشاط الصهيوني، واقتران الإعلانات الصهيونية عن المشروع الصهيوني بازدياد فعالية النشاط الصهيوني، ومن ذلك زيارة وايزمن - رئيس المنظمة الصهيونية - لفلسطين بتاريخ 9/12/1917م، ثم عودته إليها في 8/5/1918م. ورافق ذلك تدفق الهجرة ليبلغ عدد المهاجرين 20 ألفًا سنة 1919م، و33 ألفًا سنة 1925م، ومجموع المهاجرين خلال هذه المرحلة حوالي 100 ألف. وكان شعور الفلسطينيين واضحًا، حتى إن تقارير الخبراء العسكريين والسياسيين البريطانيين عكست ذلك من اللحظات الأولى، وكان أول التقارير يقول: "إن نبأ تصريح بلفور فيما يتعلق بفلسطين، جديد على القدس، وقد أحدث قدرًا غير ضئيل من المخاوف". وأشار تقرير آخر كُتِب في الأسبوع نفسه إلى توتر العلاقات بين العرب واليهود، وإلى شعور متبادل بالعداء، ويذكر التقرير أن هذا الشعور ازداد حدّة في الآونة الأخيرة "بسبب تصريح بلفور"، وإلى أن "الاحتكاك بكلمة مختصرة ليس ببعيد". أشكال المقاومة في المرحلة الثانية أخذ النشاط العربي المضاد في فلسطين يتطور، واتخذ في هذه المرحلة الأساليب والأشكال التالية: 1 - المؤتمرات: عقدت القيادات والوجهاء خلال هذه المرحلة (1919 - 1929) سبعة مؤتمرات، الأول في القدس – آذار/ مارس 1919م، والثاني في يافا شباط/ فبراير 1920م، وقد مُنِع بالقوة، والثالث في حيفا آذار/ مارس 1921م، والرابع في القدس حزيران/ يونيو 1921م، والخامس في نابلس آب/ أغسطس 1922م، والسادس في يافا تشرين الأول/ أكتوبر 1925م. والسابع في القدس تموز/ يوليو 1928م. وكان هدف هذه المؤتمرات تعبئة الشعب لمقاومة المشروع الصهيوني، والتأكيد على الاستقلال ضمن الوحدة العربية، وكان كل مؤتمر يؤكد على التمسك بالميثاق الذي ينص على استمرار الجهود الرامية "إلى استقلال بلادنا وتحقيق الوحدة العربية بجميع الوسائل المشروعة" وعدم القبول "بإقامة وطن قومي يهودي أو هجرة يهودية".([xxvii]) 2 - المشاريع الاقتصادية: اتجهت القيادات العربية إلى النشاطات الاقتصادية لمواجهة نشاط الحركة الصهيونية، فعقدت سنة 1923م مؤتمرًا اقتصاديًّا، وكان من قراراته مقاطعة مشروع روتنبرج (شركة كهرباء فلسطين المحدودة)، كما أنشئ سنة 1929م صندوق الأمة، وهو مشروع الحركة الوطنية لمجابهة مشكلة بيع الأراضي. 3 - المظاهرات: تفجرت المظاهرات في موسم النبي موسى في القدس بتاريخ 4/4/1920م، واستمرت أربعة أيام، وتحولت إلى اشتباكات سنة 1921 و1923 و1924. وظلت المظاهرات والاشتباكات تتوالى حتى انفجر الوضع سنة 1929م، وكان الصهيونيون سنة 1928م قد قاموا باحتفالات غير عادية عند حائط المَبْكَى، وجاء الرد العربي بإنشاء "جمعية حراسة المسجد الأقصى" بمبادرة من الحاج أمين الحسيني رئيس المجلس الإسلامي الأعلى - وهو مناضل بارز - وانتشرت هذه الجمعية في كل أنحاء فلسطين، وأسست فروعًا لها، وعقدت مؤتمرها. وكانت الحركة الصهيونية قد عقدت مؤتمرها في زيورخ ما بين 28/7 و11/8/1929، وأثار الخطباء قضية فلسطين وحائط المَبْكَى، فحرّك ذلك مشاعر المستوطنين الصهيونيين، وأثار غضب العرب. وفي الوقت الذي تَشدّد فيه الصهيونيون بشأن حائط المَبْكَى رَدّ العرب على ذلك الرد الذي رأوه ملائمًا، فخرجت يوم الجمعة 16/8/1929م مظاهرة توجهت إلى حائط المَبْكَى، وأزالت الآثار التي وضعها الصهيونيون فيه، فتوتر الجو؛ ولذلك عَمَد خطباء المساجد يوم 23/8 إلى تهدئة المصلين، فما كان من بعض المصلين في حرم المسجد الأقصى إلا أن صعدوا المنبر "ودعوا الجمع إلى عدم الاهتمام بما قاله الخطباء، لأنهم غير مخلصين لقضية المسلمين"([xxviii]). وخرج الجمع المحتشد في المسجد حوالي الساعة 12.30، وبدأت الاشتباكات، وراحت الجماهير في القدس، ثم في يافا والخليل وصَفَد تُسَوِّي حساباتها مع الصهيونيين، وفعلت ما لم تفعله من قبل؛ إذ صَفَّت المستوطنة الصهيونية في الخليل، وألحقت أضرارًا كبيرة بالمستوطنين والمستوطنات. 4 - الاتصالات الخارجية: قامت القيادات من خلال اللجنة التنفيذية للمؤتمر الإسلامي - المسيحي التي انتخبت سنة 1921م بعدة اتصالات وزيارات عربية ودولية لمحاصرة المشروع الصهيوني، وكانت هذه القيادات تحاول أن تُحَيِّدَ حكومة بريطانيا في صراعها مع المشروع الصهيوني، ورغم وضوح السياسة البريطانية، فقد ظل الجهد مصبوبًا في هذا الاتجاه. ولما كانت الجماهير غير مقتنعة بهذه السياسة، فقد سلكت طريقها العُنْفِيّ في أحداث 1929م غير آبهة بمناشدات القيادات والوجهاء. وانتهت هذه المرحلة والقيادة الصهيونية تجمع مشاريع وخبرات ومهاجرين، والقيادات العربية تتنازع وتفقد ثقة الجماهير بها. ورغم الجهود التي بذلت، ورغم أنها تقدمت عنها في المرحلة السابقة، إلا أنها لم تُفْلِح في ردع المشروع الصهيوني والتخفيف من زخم هجومه. المرحلة الثالثة (1930 - 1939) الثورة الكبرى كانت هذه المرحلة مرحلة الإضراب الكبير والثورة الكبرى؛ لأن مطالب الحركة الوطنية بوقف الهجرة لم تتحقق، ولأن الهجرة زادت، وزادت معها حركة الاستيلاء على الأراضي، وزادت التحديات الصهيونية سواء بتدفق الأسلحة، أو بإنشاء حرس للمستعمرات وحاميات صهيونية. وزاد النقمة الشعبية أن أداء القيادة الوطنية كان متخلفًا ومترددًا، وكان الانقسام والسعي وراء المكاسب يُشِلُّها. أشكال المقاومة في المرحلة الثالثة ظلت خطوط العمل الوطني في هذه المرحلة هي نفس خطوطه في المراحل السابقة، وإن كانت قد تطورت في كل الاتجاهات. فعلى صعيد القيادة الوطنية ظل الاهتمام منصبًّا على الاتصالات السياسية العربية والدولية، وإرسال الوفود، وكانت الاتصالات ببريطانيا على رأس هذه الاتصالات، وكانت الاتصالات مع المندوب السامي البريطاني ومندوبي حكومة بريطانيا القادمين إلى فلسطين ومصر على رأس جدول الأعمال، كما كانت مهمة إرسال الوفود إلى بريطانيا على رأس الأولويات. وعلى صعيد فلسطين دعت اللجنة التنفيذية يوم 27/10/1929م إلى اجتماع للجمعية العمومية للمؤتمر الفلسطيني في القدس، حضره أعضاء الجمعية العمومية وزعماء العشائر وعدد من المندوبين من شرق الأردن، ودعا الحاج أمين الحسيني - بعد معركة طرد عرب الزبيدات من أراضيهم - إلى مؤتمر في 25/1/1935م لعلماء الدين حضره حوالي 500 من القيادات والوجهاء السياسيين والاجتماعيين والدينيين. ولما كان الموضوع موضوع الأرض، فقد اتخذ المجتمعون قرارًا بالعمل على منع بيع الأراضي. وكان الحاج أمين الحسيني – رئيس المجلس الإسلامي الأعلى وأحد أبرز قادة الحركة الوطنية - قد دعا سنة 1931م إلى مؤتمر إسلامي في القدس في 1/12/1931م، وقد دعت اللجنة التحضيرية للمؤتمر أبرز الشخصيات الإسلامية، فاستجاب معظمهم، وكان من المحاضرين عبد العزيز الثعالبي الذي أسهم في بلورة فكرة المؤتمر، ومحمد رشيد رضا، والمجتهد الأكبر كاشف الغطاء، والشاعر إقبال، وضياء الدين الطباطبائي. وقد واجه المؤتمر نوعين من الصعوبات: الأولى ناتجة عن خشية الإدارة البريطانية والحركة الصهيونية من نتائجه. والثانية ناتجة عن اختلاف قيادات فلسطين ووجهائها حول دور كل منها. ولما كان الحاج أمين الحسيني هو المبادر، فإن منافسيه حاولوا إحباط المؤتمر، فلما فشلوا، دعوا إلى عقد مؤتمر آخر - ورغم ذلك - فإن المؤتمر قد نجح واتخذ قرارات هامة منها: 1 - إنشاء جامعة إسلامية كبرى في القدس تسمى "جامعة المسجد الأقصى"، وتأليف دائرة معارف إسلامية. 2 - الدفاع عن فلسطين لأهميتها بالنسبة للعالم الإسلامي، وشجب السياسة البريطانية - الصهيونية فيها، وإعلان قدسية البراق. 3 - تشكيل شركة إسلامية لإنقاذ أراضي فلسطين. إلا أن كل هذه النشاطات لم تكن تحظى باهتمام الجماهير التي كانت ترى أن الخطر بحاجة إلى أساليب أخرى. وكانت اللجنة التنفيذية تحاول أن تشارك الجماهير همومها؛ ولذلك شاركت في بعض الفعاليات الشعبية مثل مظاهرة القدس يوم 13/9/1933م، حيث هاجمت الشرطة البريطانية المظاهرة فأصيب أحد القادة واعتُقِل آخرون، وكان موسى كاظم الحسيني على رأس المظاهرة رغم كِبَر سنه. وفي 13/10/1933م قامت مظاهرة مماثلة في يافا، واشتبكت الشرطة مع المتظاهرين، فجُرِح موسى كاظم الحسيني، واعتقلت السلطات عددًا من القادة الآخرين. وحين توفي موسى كاظم الحسيني إِثْر إصابته، لم تستطع اللجنة التنفيذية أن تتفق على بديل في ظل التنافس الشخصي والعائلي والصراع السياسي؛ فَحَلَّت نفسها، وقاد هذا على الصعيد الشعبي إلى بروز مبادرات جديدة متعددة الأشكال وكان من ذلك: 1 - اتساع المشاركة الشعبية في أعمال التظاهر، واتجاه المظاهرات إلى طابع أكثر عنفًا، وصار التظاهر في هذه المرحلة عملاً متواترًا لا يتوقف رغم القمع البريطاني. وكان من هذه المظاهرات مظاهرات القدس يوم 13/9/1933م، ومظاهرات يافا يوم 13/10/1933م، واشتباكات يوم 14/10/1933م في معظم مدن فلسطين. وكان الشعب يعبر فيها عن نقمته دون انتظار لموقف قيادته ودون انتظار موافقة السلطان على السماح بمظاهرة سلمية. 2 - قيام مبادرات شعبية بعقد مؤتمرات وتكوين لجان شعبية للتعبير عن الموقف الشعبي، ومن ذلك: أ - عقد المؤتمر الشعبي في نابلس في 31/7/1931، والذي دعت إليه لجنة تكونت لهذه الغاية، وقد تدخلت اللجنة التنفيذية لمنعه؛ لأنه عُقِد دون موافقتها، ووافق المجتمعون على الالتزام بقيادة اللجنة التنفيذية بعد الاتفاق على إعلان الإضراب احتجاجًا على سياسة الحكومة البريطانية التي وافقت على تسليح المهاجرين الصهيونيين. ب - إقامة احتفالات شعبية بذكرى معركة حِطِّين. جـ- الدعوة إلى اجتماع شعبي في بيت جبرين حضره حوالي 2000 شخص، ولم يحضره أحد من قادة الأحزاب، وقد دعا الاجتماع إلى: السعي للتفاهم وتوحيد الكلمة، السعي لوقف بيع الأراضي، السعي لتأسيس بنك زراعي عربي، العمل بالوسائل الممكنة لوقف الهجرة الصهيونية. د - القيام بتحركات طلابية ونسائية وصحفية وعُمَّالِيَّة، فانعقد مؤتمر نسائي في 26/10/1929م حضرته حوالي 100 مندوبة، وفي 20/9/1931م عقد الصحفيون مؤتمرًا ناقشوا فيه مسألة إغلاق السلطة للصحف العربية، وأرسلوا برقية احتجاج إلى الحكومة احتجاجًا على تعطيل الصحف، وبرقية إلى اللجنة التنفيذية ينتقدون فيها سياساتها، وطالبوها بألا تَفَاوُضَ إلا على الاستقلال ضمن إطار الوحدة العربية. هـ- الدعوة إلى الإضراب، وقد تكررت الإضرابات لتصل ذروتها في الإضراب الكبير الذي دام ستة أشهر. 3 - تشكيل اللجان القومية في 20/4/1935م لفرض الإضراب، وإيقاف التراخي في قيادة الحركة الوطنية. وقد انعقد مؤتمر عامٌّ للِّجان القومية في 8/5/1935م، واتخذ قراراته باستمرار الإضراب ومقاطعة سلطات الاحتلال. 4 - القيام بنشاطات اقتصادية، وكان منها إنشاء البنك العربي سنة 1934م، ثم قامت بعد ذلك بنوك ومؤسسات أخرى. 5 - تكوين خلايا مسلحة، وفي الوقت الذي بدأ فيه الشيخ عز الدين القسَّام يطور خلاياه مع بداية هذه المرحلة؛ ظهرت عصابة الكف الأخضر أواخر 1929م، وبدأ الحديث يتواتر عن تشكيل خلايا مسلحة وجمع التبرعات لها. ولكن موضوع العمل المسلح لم يبرز إلى حَيِّز العمل إلا حين خرج القسَّام في 2/11/1935م إلى الريف ليبدأ الثورة، وقد اختار منطقة جنين، وكان يستهدف الاتصال بالفلاحين والعمل على إشراكهم في الثورة المسلحة، إلا أنه لم يُقَيَّض له أن يواصل المسيرة؛ لأن القوات البريطانية داهمت مكان اختبائه وطلبت منه الاستسلام، فقاتل حتى الاستشهاد هو ورفاقه، إلا مجموعة افترقت عنه قبل المعركة بقيادة فرحان السعدي، ومجموعاته الأخرى التي لم تخرج معه بقيادة خليل عيسى "أبو إبراهيم الكبير". وقد أشعل استشهاد القسَّام نار الحمية في فلسطين، ولكن قيادات الحركة الوطنية لم تشارك في مراسيم تشييعه - إلا نفرًا قليلاً - والتقت قبل مرور أسبوع على وفاته بالمندوب السامي، وقدمت له المطالب الوطنية المتعلقة بتشكيل حكومة وطنية ومنع انتقال الأراضي للصهيونيين ووقف الهجرة… إلخ. واحْتُفِل في التاسع من كانون الأول/ ديسمبر بذكرى فتح القدس، فتحدث حمدي الحسيني – وهو من الزعماء الوطنيين المدافعين عن مصالح الشعب - فنَدَّد "بالطرق الفاشلة للعمل الوطني الفلسطيني، وذكر أنها كانت عاملاً قويًا في ترسيخ قدم الاستعمار" وبَيَّن "كيف أن الزعامة سَعَتْ لتقوية مراكزها فقط عند المستعمرين بالتظاهر بالوطنية، واستغلت مع الاستعمار الدماء الزكيَّة التي سُفِكَت في سِنِي 20 و21 و29 و33، حتى ضاعت هدرًا".([xxix]) وحين جاء رد المندوب السامي البريطاني حمل معه فكرة قيام مجلس تشريعي، فاختلف قادة الحركة الوطنية عليها، ورغم الخلاف على المجلس التشريعي فقد وافقت الأحزاب على إرسال وفد إلى لندن. ولكن الجماهير كانت تزداد غليانًا، ووضْع القيادات يبعث على الأسى؛ ولذلك دعا رشيد الحاج إبراهيم يوم 11/4/1936م – وهو من الزعماء الوطنيين المخلصين - إلى اجتماع عام للقيادات الوطنية يضم أعضاء اللجنة التنفيذية للمؤتمر السابع، وأعضاء الوفود إلى البلاد العربية والأجنبية، ورؤساء الأحزاب، وأصحاب الصحف لدراسة ما تطلبه مصلحة البلاد. اشتعال الثورة لم تنتظر الجماهير، فأصدرت لجنة شعبية في يافا وأخرى في نابلس يوم 20/4/1936م دعوة للإضراب، وتجاوبت القدس مؤيدة دعوة نابلس، وسرت الدعوة في فلسطين، فقدّمت اللجنة القومية في حيفا مذكرة إلى حاكم اللواء تعلن فيه الإضراب ابتداء من 22/4/1936م، وطالبت بما يلي: 1 - وقف الهجرة حالاً. 2 - سن تشريع يمنع تسرب الأراضي. 3 - تشكيل حكومة وطنية. وأجبرت الموجة الوطنية رؤساء الأحزاب على أن يجتمعوا ويتفقوا على تأجيل إرسال الوفد إلى لندن، ورجاء الأمة أن تستمر في إضرابها. وفي هذا الوقت برزت دعوة إلى تشكيل لجنة عربية عليا برئاسة الحاج أمين الحسيني، وأُعْلِن عن أول اجتماع لها يوم 27/4/1936م، وكان ميثاقها استمرار الإضراب إلى أن تُوقِفَ الحكومة البريطانية الهجرة وبيع الأراضي وتقوم حكومة وطنية نيابية، على أن يكون وقف الهجرة هو البادرة. وعُقِد يوم 8/5/1936م مؤتمر اللجان القومية التي دعت إلى الإضراب للتأكيد على ضرورة استمراره، والتعبير عن إرادة الشعب. وما إن عَمّ الإضراب فلسطين، حتى انفجرت الثورة المسلحة وعادت جماعة القسَّام إلى الميدان. وكان الهدف من الإضراب شل الحياة السياسية والاقتصادية. أما الثورة المسلحة فقد استهدفت إثارة الذعر في المعسكرات البريطانية والتجمعات الصهيونية، وتخريب ما أمكن تخريبه من المرافق والمصالح البريطانية والصهيونية. ولما فعل الإضراب فعله، جاء نوري السعيدي – وزير خارجية العراق - إلى فلسطين في 26/8/1936م، واقترح أن تتخذ اللجنة العربية العُليا إجراءات لوقف الإضراب، على أن تتوسط الحكومة العراقية لدى الحكومة البريطانية لتحقيق جميع مطالب عرب فلسطين. وافقت اللجنة العربية العليا على الوساطة ولكن الشعب لم يوافق، واستمر الإضراب، وظل الأمر كذلك إلى أن وجه الملوك والرؤساء العرب بيانًا إلى عرب فلسطين يطالبونهم فيه بوقف الإضراب؛ لأن حكومة بريطانيا وعدت بالنظر في مطالبهم. وقبلت اللجنة العربية العليا النداء فدعت إلى وقف الإضراب صباح الاثنين 16 رجب 1355 الموافق لـ 12 تشرين الأول/ديسمبر 1936م. وقد استغلت السلطات البريطانية وقف الإضراب لتُخْرِج القوات العربية التي دخلت للإسهام في الثورة المسلحة بقيادة فوزي القاوقجي ومحمد الأشمر، وقد هَبَّت القرى للدفاع عنهم، ولكنهم أُخْرِجُوا إلى شرق الأردن يوم 14/10/1936م وعادوا من حيث جاءوا. ورغم ذلك فقد استمرت الثورة المسلحة، واستطاعت في ربيع 1938م أن تقود كل فلسطين، وأن تنشئ مراكز وقيادات، وأن تفرض سلطة الثورة على الريف وقطاعات واسعة من المدن. واعتمد مقاتلو الثورة أساليب حرب العصابات الحديثة؛ فكانوا يَتَجَمَّعون في زُمَر صغيرة، ويبادرون بالهجوم ثم ينسحبون، وينظمون الكمائن التي تَشُلّ تحركات العدو. وقد أثبتوا جدارة حين اضْطُرُّوا لخوض معارك كبيرة.. ومن معاركهم المشهورة في المرحلة الأولى من الثورة: معركة جبل حريش 24/8/1936، ومعركة بلعا 3/9/36، ومعركة أم الفحم 12/9/36، ومعركة جبع 24/9/36، ومعركة بيت أمرين 29/10/36، ومعركة كفر عبوش 7/10/36. ثم اتسعت الاشتباكات في الفترة (1937 - 1939) حتى إن المصادر البريطانية ذكرت أن قوات الثورة قامت بـ 5708 عمليات سنة 1938م، 3315 عملية سنة 1939م. وكانت العمليات في هذه المرحلة موجهة أساسًا ضد قوات الاحتلال البريطاني عكس ما كانت عليه في الماضي، ومع ذلك فإن الثورة توقفت ولم تحقق أهدافها، فلماذا حدث ذلك؟! لماذا فشلت الثورة الكبرى؟!! يعود ذلك إلى الأسباب التالية: أولاً- عدم توافر قيادة سياسية قادرة على القيادة ميدانيًّا ومؤمنة بالمقاومة المسلحة؛ ذلك أن المقاومة المسلحة ولدت في النقمة الشعبية، وخارج سيطرة القيادة السياسية. ولقد تكونت اللجنة العربية العليا تحت ضغط النقمة الشعبية، وحين انطلق تيار المقاومة المسلحة بخروج القسّام، أو بعد ذلك لم يكن ذلك بقرار القيادة السياسية، وظلت القيادة ميّالة إلى الحلول السياسية، ولذلك وافقت على حضور مؤتمر لندن سنة 1939م بحضور ممثلي الاستيطان الصهيوني في فلسطين، ومندوبي الدول العربية. ثانيًا- عدم وجود قيادة عسكرية واحدة ومؤهلة، وكانت جماعة القسَّام ملتزمة ببرنامج المقاومة المسلحة وأبرز قيادات الثورة، ولم يكن إعدادهم العسكري وتأهيلهم السياسي يؤهلهم لأن يفعلوا أكثر مما فعلوا، ولذلك قامت قيادات محلية فرضت نفسها على اللجنة المركزية للجهاز، وكان تنافس القيادات يصل إلى حد الصراع. ثالثًا- قيام حزب الدفاع الوطني بدفع الأمور نحو الحرب الأهلية، وكان حزب الدفاع مؤيدًا للمشاريع البريطانية ومنافسًا للحزب العربي، حزب رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الحاج أمين الحسيني. رابعًا- تغير بعض ظروف المعركة؛ إذ إن اتفاق الإنجليز والفرنسيين قبل الحرب العالمية الثانية قاد إلى إغلاق حدود سوريا ولبنان، وكانت هذه الحدود طريق إمداد الثورة. خامسًا- زيادة العنف البريطاني، مع بروز مؤشرات الحرب العالمية الثانية، وفرض الأحكام العرفية. ومع بدء الحرب العالمية الثانية كانت الثورة المسلحة تلفظ أنفاسها الأخيرة. [/right:12
| |
|
هادي عضو غير نشيط
عدد المساهمات : 19
نقاط : 10573 تاريخ التسجيل : 26/06/2010
| موضوع: رد: المراحل المتعاقبة من تاريخ المقاومة الفلسطينية: الجمعة يوليو 30, 2010 4:46 am | |
| مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور | |
|
Admin Admin
عدد المساهمات : 111
نقاط : 10819 تاريخ التسجيل : 26/06/2010 العمر : 29
| موضوع: رد: المراحل المتعاقبة من تاريخ المقاومة الفلسطينية: الثلاثاء أغسطس 17, 2010 12:20 pm | |
| | |
|